السيدة والكاتبة القديرة غالية محروس على ملتقانا اليوم

من طرف ندى الزهيري الجمعة أغسطس 01, 2008 11:34 pm

[رشفة قهوة مع اللغة الإنجليزيةلعل أصعب جزء للكاتب هو اختيار الموضوع فالموضوع لا يكشف عن نفسه بسهولة ولكنه يظهر ويتضح فيما بعد! لم أكن أرغب في الكتابة ولا الحديث علنا عما سيلي سرده عن علاقتي باللغة الإنجليزية ولكن السعادة غمرتني عندما داهمتني فكرة الكتابة عن اللغة الإنجليزية فاكتشفت إنني عاشقة للغة وهي منتشرة في سمائي بجمالها وكمالها.وأنا دائما ما أرتشف أفكارا ومواضيع وأحاسيس من خلال فنجان قهوتي دون أن أنسى أن أضع حليبا لأتمتع بارتشافها!
لعل الكثير يتساءل بشأن هذا العنوان وما فيه من معاني وما علاقته بالمضمون؟
لقد تعمدت أن أضع هذا العنوان الذي يبدو مثيرا بل ليكون بمثابة رمز يتجاوز الموضوع المباشر لهذا المقال ولا أكتمكم فقد اخترت هذا الموضوع لفضولي الفكري تجاه اللغة الإنجليزية التي أعتبرها هبة من السماء.
وكأنه قدري إن أرسم للغة خارطة الزمان والمكان وأجمع مفرداتها كأنها حبات لؤلؤ أصيغها بطريقتي وفلسفتي ولأعطيها ولو جزء بسيط من حقها المغتال.
أنا أعتبر الإنجليزية لغة حبلى بالجمال وبالثقافة وبالتجدد و بالتواصل دون جدران دون فواصل وكأنها حمامة بيضاء وأكيد لا تنجب إلا بياضا! البعض يرى اللغة تنتعش وأنا للأسف أراها تحتضر لأن كثرة الدارسون وقلة الممارسة هي السبب في احتضارها وأنا أخشى أن تصبح هذه اللغة مقبرة منسية لمن لا يتذوق حلاوتها وقف عند بساطتها!
ومما يثير دهشتي إن اللغة أصبحت ضحية الغموض والإبهام وربما هذا مرجعه إلى ضيق أفق في الثقافة الأجنبية والتجربة الإنسانية.
أنا الآن أحتسي كوبا من القهوة اللذيذة الساخنة فمع كل رشفة أشعر بالسكينة والهدوء ومع كل كوب من القهوة أعلن عن موضوع جديد مليء بالصدق والجرأة الأدبية هي حالة من السلوكيات وقد يشاع لدى الكثير منا! لأعود لموضوع اللغة قبل أن أنهي كوب قهوتي!
تتجدد هذه اللغة دائما في خيالي وعلاقتي بها علاقة حميمة ولعل كل واحد منا يتجدد يوميا بل كل لحظة لو تأمل ذلك لأبحر في دنيا اللغة فهو إبحار ذو شجون!
اللغة الإنجليزية هي أكثر من مجرد وسيلة للإيصال إنها طريقة لبناء العالم وبوابة تنفتح على ثقافة معينة وهوية محددة.
نحن نواجه ثورة اتصالات في أيامنا هذه تجعلنا نعتقد بأن اللغة تلوح في الأفق ومما لا شك فيه أن اللغة الإنجليزية قد أصبحت الأكثر استخداما في جميع أنحاء العالم وتستخدم في كثير من مجالات الحياة. أدرك تماما إن تحدي اللغة هو اكتشاف جمالها ومساحتها ومن ثم التألق بهاو هذا ما نطمح له.

ولأني أريد أن أبدع أعود وأرتشف رشفة من القهوة وهنا أشعر بالذنب ولست أدري كيف لي بهذه التفاصيل لعشق اللغة كل ما أدريه أن شغفي وعشقي لم يعد سرا يسكن صدري بل أصبح ملكا مشاعا لا شمس لا مطر لا غيوم وكل الأشياء أنساها أمام هذه اللغة سأقف دون دهشة لأمتطي ثقتي بنفسي واعتلي شموخ كبريائي لأكتب عن تجربتي وفلسفتي في الإنجليزية واستطيع أن أقول رغم إنني أجهل الكثير عن اللغة ولكنها في اعتقادي تجربة مثيرة .
لقد استخدمت اللغة من مئات السنين وانتشرت وهي من أسهل اللغات تعلما وإفادة وهناك ما يقارب ثلث سكان الأرض يتكلمون الإنجليزية كلغة ثانية.
أنا أثق بأن كل فرد منا بداخله كم هائل من المشاعر اللغوية سينسج خيوطها وكيف سيستبيح مفرداتها! إنه لشيء جميل أن نستثمر الكلمات الإنجليزية بدلا من تدميرها و لن يكون هناك أي كلمات والتي أعرب إنها في الواقع لن يكون هناك أي تفكير مما يجعلني أشعر بالأسف لفقدان ونسيان أي كلمة دخلت فكري وسمعتها إذني.
أرجو يا عزيزتي أن تعتبري نفسك مسافرة وأن الطائرة ستقلع بعد قليل فبادري بشد حزامك وحلقي وتحرري من عقدة اللغة الإنجليزية ووجع الإحراج عند التحدث أمام الآخرين. دعونا نقشع الغبار مؤقتا عن سماء اللغة ليولد فينا رغبة المعرفة ونتمكن من إتقانها.
أيها الأعزاء هناك مسؤولية ولعلني أقول حان الوقت لأن نتواصل بهذه اللغة وهناك فكرة تحمل تشجيع لجيل جديد يتلمس طريق الإبداع و سأحتضن يا عزيزتي قدراتك الإبداعية فأنا أؤمن بالتطور والإبداع. ما أفكر فيه حاليا هو تعديل محتوى ورؤى بعض نصوصي ومواضيعي الإنجليزية ولأني اعتبر كتابة مواضيعي الإنجليزية التعليمية المتواضعة فعلا مقدسا وما أفعله يشكل هويتي الحقيقية, أحاول أن أبذل جهودي في تحقيق موهبة الكتابة والتدريس من أجل إنسانيتي ومن أجل مدينتي وتدريس اللغة اختياري وحريتي وهو الأكسجين الذي أتنفسه نقيا وأقاوم من أجل ذلك الكسل وقهر الوقت لإثبات وجودي.

لست مدرسة عربية ولا إنجليزية ولا أضع نفسي في خانة الكتاب ولا أدعي إنني مثقفة ولكني أدرس طالباتي استجابة لمزاجي وإحساسي وطبيعة إلهامي التي تمليها علي ظروف اللحظة الفكرية. أستطيع أن أقول إن تدريس اللغة أنضجني اجتماعيا ولغويا ومنحني التدريس فضاء واسع ومناخ إنساني وأتاح لي التمتع بالوقت وبجوهر التجربة. و لن أنسى أن أنوه بدقتي وحرصي في اختيار مادة التدريس التي تليق بفكر بنت مدينتي العزيزة. اعذروني و نسيت نفسي وقمت أتكلم وكأني مسئولة عفوا سأتحدث بطبيعتي وأنا عن نفسي أجد كل كلمة اكتبها تعبر عن حياتي الخاصة وفكري ولا أنكر قد تكون مواضيعي غير مفيدة! ويطيب الإبداع لي من خلال رشفة قهوة.
وهكذا تجدني أدخل في سعادة يومية مع طالبات الإنجليزي اللاتي تعرفت عليهن أكثر ولم أنسلخ عن واقعي العربي وجودي بين طالباتي ليس إلا إثراء لثقافتي وثقتي. وقوفي أمام الطالبات 8-10 ساعات يوميا يجدني إن أتواصل مع الناس مباشرة وأتعامل مع الحياة و كنت من قبل وأثناء عملي شبه معزولة ومع الإنجليزي وجدت الواحة ملاذا وركنا للحرف.
أردت أن أنقل هذا العشق لطالباتي فالتدريس مهنة سامية فيها عطاء بلا حدود كما إن الله سبحانه وتعالى أوصانا بالقلم. الكتابة مع التدريس تخلق هذا الجسر الإنساني القائم على الفكر والقيم النبيلة والاحترام المتبادل فأنا لا أدرس طالباتي لإرضائهن فقط ولا أكتب لجمهور محدد بل أكتب للقارئ الذواق للقطيف المدينة التي لا يخلق معها ميعاد بالرغم من الالتزامات اليومية إلا إنني أحمل أوراقي وأعطي دروس الإنجليزية على أرضها التي أعشقها في كل الفصول والأجواء بحرارتها وبرطوبتها وببردها ومطرها وبشمسها وغيومها.

أكتب نصوصي الإنجليزية التعليمية والتي جاءت قوية في حزم صادقة في عزم صارمة في جزم, لخصت أهم لحظاتي ولكن بروح ونفس جديدة وجميلة باحثة في كل ما يجدد وجودي ووجود مجتمعي فانا لا أتردد باحتضان طالباتي وبتبني احتياجاتهن باللغة الإنجليزية.
أثناء فصلي الدراسي تشعر طالباتي وكأنهن في بيوتهن مما يضفي على الحصة الإنجليزية نوعا من الانسجام والحميمة التي نفتقدها في المدارس والبعض يرتشف من القهوة وكأنها إحدى طقوس اللغة الإنجليزية !
وهكذا تمر الدورات بنجاح كما نتوقع بل يدهشنا سرعة الوقت فيداهمنا بسرعة ويعتقد البعض مبدئيا كون هذه الدورات لا تسهم في تطور لغتهم بشكل عام,فأعتبره وجهة نظر فردية لا تؤثر على دوراتي بأي صورة! حيث إنه يفترض في المدرس أن يكون متعدد المواهب فهو أولا مبدع في إدراك حاجة الطالب وكيف إقناعه بإدراك حاجته!
أردت من هذا كله أن أقول علاقتنا باللغة مليئة بالالتباسات فالطالبة تنظر للغة بترف ومن المهم جدا وجود مفهوم اللغة وحينها سنكون من أفضل تلامذة اللغة الإنجليزية!
إن مشكلة تدريس اللغة في مدارسنا محاولة تطبيق قواعد العربية على الإنجليزية والمفروض أن لا نربط لغة بأخرى لاختلاف كلا منهما. وهل يمكن احتراف اللغتين معا أما شغف العربية أو هوى الإنجليزية ؟!

اللغة العربية لغتنا الأم تسري في عروقنا وهي لغة القاف والطاء والياء والفاء عفوا قد تحسبوها القطيف وإن كان ذلك فلا بأس! وهي لغة الأجداد ولغة القرآن وأؤمن بأول كلمة نزلت في القرآن الكريم أقرأ وأنا أقرأ كل شيء وكل ما تقع يدي عليه وخاصة الكتب الإنجليزي .

لعلك تسأليني كيف أقف على باب اللغة وأقرع أولا يجب أن يكون هناك باب مغلق وإلا لا حاجة لنا لأن نقرع وأنا أفتح لك يا عزيزتي قلبي قبل بابي وأضع يدك بيدي لنبادر بالمسؤولية وقد أقول حان الوقت لأن نتواصل بالإنجليزي وأنا أعترف في وقت ما من طريقي لم أكن أعترف بالإنجليزي! وها أنا أقرأ عن هذه اللغة وأبقي مصباح طاولة سريري مشتعلا حتى الفجر ولا أزال أقرأ وأكتب وعندما أنتهي لا يزال ضوء النهار حيا وبجواري أكواب قهوتي الفارغة!
يمكنني الآن إعلامك بملء فمي أنني نجحت وتمكنت وهنا تستطيع الدارسة أن تخرج من يأس اللغة هذا رهان صعب لكنه ممكن وهذا لن يأتي إلا بالعمل الجاد والتفاني. مارسي اللغة كعادة يومية و كعادات كثيرة تمارسيها وتحبيها !وجدت البعض يتحدث اللغة الإنجليزية بشكل أثار إعجابي.
لا يوجد لدي صدمات في حياتي ولكني بعد تجربتي في التدريس لم أعد قادرة على الصدمات وأسوء شيء قد يحدث لي هو أن ينكشف القناع عن أشخاص تعاملت معهم وصورتهم في مخيلتي على هيئة مختلفة تماما عن حقيقتهم حينها أشعر برغبة بالبكاء و الإحباط وأعلن التمرد على كل صدماتي من أجل استمراري لرسالتي التي عاهدت نفسي بهاو أنا عند عهدي !
انتهت القهوة و رشفت آخرها مع انتهاء موضوعي لأبدأ يوم جديد برحلة كتابية جديدة ولعل هذه القهوة تعطيني طاقة لتخترق فكري, هذا الأمر اعتبره قبل أن يكون سلوك هو إحساس عند الكتابة وكم كان بالقهوة حلاوة ومرارة لم أشعر لأني مشغولة بالكتابة.
لابد أن أشير إلى إنه لولا الجو الملائم الذي وفره زوجي ودعمه المليء بالحب والاحترام كي أقوم بذلك لم تكن ممكنة بل ولما تمكنت لأتغلب على متاهاتي اليومية المتعددة!
دعيني أختم موضوعي بحكمة بالغة مأخوذة عن لسان الشاعر التركي ناظم حيث قال:إن لم أحترق أنا وأنت فمن يا ترى سينير ظلمات هذا الكون!
بنت القطيف
غالية محروس المحروس[/color][/b]