وقفة تامل مع ذكرى الأسراء والمعراج

قف معي وتأمل
الاستاذة ندى عبد الجليل الزهيري
مع نهاية شهر رجب المبارك من كل عام ، نتوقف لحظات لكي نتذكر حادثا من أعظم الإحداث التي مرت بالتاريخ الإسلامي ، وهو حادث ذكرى عروج سيد الأنبياء والمرسلين البشير النذير ، الداعي إلى الله بإذنه ، والسراج المنير الذي بُعث رحمة للعالمين ليصلح ويطهر نفوس الناس وأحوالهم، وليقَوّم سلوكهم إلى السموات العلى ، وفي هذه الذكرى العظيمة تقيم الاحتفالات والمهرجانات ويظهر الفرح والسرور وتعيد تلك الذكريات العلية الطيبة ، تكريما وتعظيما لذكرى إسراء نبينا الذي به الله أخرجنا من الظلمات إلى النور0
لكن قبل أن نحتفل لا بد أن نعي ونتأمل حاضرنا وما آلت اليه أحوالنا ، ونطرح عدة استفامهات جوهرية لأنفسنا - ما الاحتفال الصحيح الذي يبتهج به النبي محمد ( ص ) ويسره ؟!
هل صمتنا بما يجري في عصرنا الحاضر على الساحة العربية الإسلامية من محن وأهوال عظام ترتكب في حق الإسلام والمسلمين نهارا جهارا يسر نبينا ؟!
أم مرارة الظلم الواقع على عاتق امتنا وما تقاسيه من جروح تفتقد من يضمدها أو يدفع ما يدبر لها من فتن ومكائد؟!
هل يسر نبينا حال الإسلام - الذي يعيش في أيامنا أسوأ فترات تاريخه ؟!
يستغيث ولا مجيب و نحن نتجرع الويلات ، ونعاني الانهزامات والانقسامات والأزمات،لا نكاد ننسى مصيبة حتى تباغتنا أخرى0
أيسر حال نبينا ما آلت إليه الأخلاق والفضيلة والمثل العليا من تردي وسقوط وتدهور إلى ابعد الحدود ، القسوة 0 والرشوة 0 والكذب 0 والبهتان 0والقتل بأنواعه وما إلى ذلك من المساؤى والرذائل ، أمسى طعاما صائغا يسيغه الناس كما يسيغون طعامهم وشرابهم من غير وحشة ولا استنكار؟!

ماذا عساني أقول 000 لا أريد أن أستوفي هذا الموضوع حقه ، وأخوض فيه إلى أعمق نواحيه ، فالعلة تكمن فيما آلت إليه النفوس ، عندما تشبثت بالمغريات و الشهوات ، و الأموال 00، وهكذا صارت حالة المسلمين وذهب منها كل خلق كريم ، فأصبحت تمج الفضيلة وتستلذ الذلة والرذيلة ولا تجد لنفسها أي قيمة تجاه الظالمين ، مسلوبة الحس والشعور ، والعزة والكرامة 0
ومما زاد الأمر مرارة وغصة الانغماس في تحقير العلماء والمرشدين والواعظين، والعزوف عن الإيمان و الأخلاق ، التي خلدها لنا نبينا وأهل بيته 0
و بتخاذلنا وعزوفنا عن خط الرسالة المحمدية إلى خط الهوى والعبث يحسن منا أن نقيم المآتم ولبس الحداد لا إقامة الاحتفالات والأعياد ، ولا شك أن الرسول ( ص ) يطل علينا من سماء علياءه ساخطا علينا في هذه الاحتفالات الزائفة التي ما هي إلا لهو ولعب 0
وها نحن نتجرع الهزائم والإخفاقات والإحباط ، جراء خذلاننا لنبينا ، فأصبحنا غثاء كغثاء السيل ، فلابد من عودة صادقة، لنفوسنا المهاجرة من عالمها الى عالم الذل والخذلان ، واستشعار عظمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أرواحنا ، والتمسك بمنهج رسالته ، المنهج المحمدي الذي جسد الإيمان والأخلاق ، والتخلص من الأفكار الفاسدة والأوهام، لابد أن يستقر في النفوس يقين جازم بأن الإيمان بالله ورسوله وأهل بيته ، هو المنهج السديد والقانون الرشيد لسلامة هذه الأمة.